"لغتي الفصحى"
يا منكر الحب إن الحب ملحمةٌ
من سالف الدهر كانت، ما ابتدعناها
كم من أناسٍ أقضَّ الحب مضجعهم
كم زين الشوق للعشاق نجواها
هذي حكاية حبٍّ مثل دائرةٍ
مسحورةٍ ليس يُدرى أين قطباها
الحب ترنيمةٌ عشنا بها زمناً
كانت بأيديَنا لكن أضعناها
يا ذكريات هوىً مرت بنا مرَحاً
كم أسعدتنا يدٌ من طيب سقياها
حنيننا في بحار الحب يغرقنا
مرت بنا سنواتٌ ما نسيناها
يا من تلوم علينا إنها أملي
ولو تراها بعيني كنت تهواها
فبحرها هادئ الأمواج مُسْتَكِنٌ
في عمقه دررٌ تزهو رأيناها
تاه الخيال بنا من فرط روعتها
ابحث مليّاً وفتش عن خباياها
كنزٌ ثمينٌ خفيٌّ ضاع من زمنٍ
فهل سعينا إليها هل طلبناها؟
سلطانةٌ هي تمشي في مواكبها
مهيبة هي تبدو في رعاياها
يا حسنها لم يزل أرضاه يأسرني
فاض الغرام بنا يا قلب أهواها
جمال مقلتها الفتاك يأخذني
سحر العيون تعاويذ قرأناها
منها الأناشيد كم يحلو بها نغمٌ
اقرأ تدبر فما أحلاه معناها
في كل يوم أرى من أمرها عجبا
في كل أمسية تحلو مزاياها
حوراءُ يالجمال الطرف يقتلني
غزالة القاع تستهويك عيناها
غيداءُ أم هي هيفاءٌ وغانيةٌ
محبوبتى جمة الأوصاف أهواها
عزيزة المهر هل عمري يناسبها
فتية غضة يا طيب ملقاها
شابت قلوب بكت جراء حبهم
كم خاطبٌ يدها قد نال مرضاها
كل أتاها فلم تبخل على أحد
ما قصرت أبدا ما كَلَّ كفّاها
ما حيلة البلغا فيها جلالتها
ماذا يقولون هاموا في محياها
مليكة العمر من أنهارها رشفوا
شهد المنى ها هنا زوروا خلاياها
أنغامها تتهادى في أكنتها
كما تهادت قلوب الحب ناداها
حبيبة الروح في المحراب ناسكة
تقضي الليالي خشوعا يالتقواها
هل تعرفون من السمراء غاليتي
خصيبة هي ما أغناه مرعاها
فإنها لغتي الفصحى أقدرها
من بين كل لغات الكون أهواها
حروفها من شعاع الشمس تنسجها
ألفاظها من بريق الماس تلقاها
في مدحها رقصت أرواحنا طربا
رقص الفراشات حين الضوء غشاها
لها الفصاحة هبت من مخادعها
سحر البلاغة والتبيان أهداها
تيجان عز لها قد أينعت دررا
من ذا يضاهي جمالا في محيّاها
لو أُنفقُ العمر ما أحصي فضائلها
مضمارها طاهر الأرجاء أنقاها
أسعى لتكرمة والله ميّزها
شريفة وكتاب الله أعلاها
مهما اغترفنا شذى أنهار سلسلها
لنغزل المدح فيها ما كفيناها
ماذا أقول لها والله كرمها
رب العباد أعز الضاد زكاها