ثائرة
طوت الأرض تزرعها حالمةً
كعروس تزفها ماهمها عناء
أحملها وتحملني دون مكابرة
ورحمها واسع يسع السماء
غرست فيها نباتي لتسعدني
كأنها جنة الفردوس في العطاء
هي أمي وأنا أمها تحاورني
لم نفترق ولن يدنسها الغرباء
بلادي بالجود نصبت خيامها
بمضايف الدلال أصبحت شهباء
بعطر الياسمين تعطر النيل
والفرات جعل أرضها خضراء
على ظهر الليالي تحملنا ذكراها
فرسانها هزت أرض البيداء
بالكافور والمسك فاح ترابها
بلون العشق كللها دم الشهداء
هي والقلم بَنت أجيال حبها
على سطورها أنجبت الأبناء
لم تنحني إلا لله وزرعها
تجاهلت حر الصيف والشتاء
أمي أنجبت من رحمها رحمةً
غرست رمح الكبرياء والإيباء
صبت الغرام حنينا للوطن
بآثار اقدامها نبت الوفاء
لم تعرف للجوع باب أبا
في كفها ينبوع ينضح ماء
هي كالبئر للعطاشا ثائرةً
دلوها مغمور بالخجل والحياء
نادت بالأذان والكل يسمعها
صلوات فجر ممدودة بالدعاء
الخيل لن تهدأ بصهيل ثورتها
أصوات أم تجلجل في المساء
بعرقها الناموس يفز غيرةً
كافلة اليتيم بدمها تملئ الإناء
من المشرق للمغرب أصل حبها
ناحت بكت لو ضعف الولاء
حاكت من الصوف بدلة عرسها
كسرت أشواك الرذيلة بلا حذاء
كالعرند وقف عامود جذعها
لا تخشى شّدت وتد أحرف الهجاء
بقاموس الأبجدية وضعت نابها
من معاجم الأدب أخرجت أدباء
صاغوا للنصر ثوب عرس
أحسنوا لها فعلاً وقولاً بكل أداء