بعنوان: سقطت ورقة التوت الأخيرة...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
وبكت دودة الشجرة...
وتوقفت عن نسج الحرير...
وأغصان شجرة التوت...
كسرتها رياح النوى...
وتوقف عن مراقصتها...
النسيم العليل...
ولم تعد شجرة التوت...
تصدر صوت الحفيف...
ورحل عنها الظل الظليل...
الذي كان يحجب عنها...
لفحات الشمس...
منذ عهد بعيد...
واشتعلت بها النيران...
وأصبحت تحوم حولها.......
نيران اللهيب...
والغيوم فوقها أتت وولت...
ولم تعد تجود عليها...
بالمطر الغزير...
والمروج غاب ينعها...
بعدما جف ماء الغدير...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
وبسقوطها شفيت الآذان...
وأول سماع لها...
كان الصراخ والعويل...
والعيون عميت رغم رآها...
وأصبحت لا ترى...
إلا المنظر الكئيب...
وما عماها إلا كثرة النحيب...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
وتعطلت عقارب الزمن...
ولم يعد يحلو لها الدوران...
منذ أن رحل السلام...
ورحلت الطمأنينة...
وغاب عن الوجود الأمان...
وصار الكل يدور داخل دوامة...
منقطع الكلام...
فهناك من استحلى الدوران...
وهناك من الخوف قلبه...
أسرع في الخفقان...
يدور حيث دارت الدوامة...
هائما شاردا...
إلى حد الغثيان...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
ولا أدري كيف سقطت...
ورحل الراحلون...
ولا أدري كيف رحلوا...
وسافر المسافرون...
ولا أدري كيف سافروا...
ولحقائبهم لنا تركوا...
وبالرحيل عجلوا...
ولا حتى بكلمة وداع...
بها نطقوا...
فهل كان الرحيل رحيل قدر...
أم كان مختوما بخاتم البشر...
والخاتم مكتوب عليه...
العلقم الأمر...
ومداد الخاتم كان من دمع العيون...
الذي عن الرحيل انهمر...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
وأضحى الكل يقف...
في مفترق الطريق...
أرجل الى الأمام...
وأرجل إلى الوراء...
حائرة في اختيار الطريق...
وتغيرت ألوان الطيف...
واختلطت الرؤى...
والكل اختار لونا...
بين مشع زاه...
وبين خافت...
اختفى معه...
نور البريق...
الذي كان يبهر العيون...
طوال الزمن العتيق...
وحلت النفوس...
آهات الشهيق...
على أيام جميلة...
جذورها بالزمن البعيد...
واختارت كل نفس...
في الحياة لها طريق...
آملة أن تعانق ماتبقى...
من بصيص البريق...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
وكل شيئ مع سقوطها رحل...
كما يرحل عن الورود...
عند قطفها العبير...
وكما يختفي عن العيون الضوء...
ولا ترى إلا سوادا...
يلف خطى الضرير...
ومثل قلب توقف عن النبض...
واصبح لا يضخ الشرايين...
بالدم الوفير...
وبيني وبينك...
وبين ذا وذاك...
يبقى العيش على الأمل الكبير...
سقطت ورقة التوت الأخيرة...
وليتها ما سقطت...
وليتنا ما افترقنا...
ولا اختلفنا...
في منعطف الطريق...
وبقينا ننعم...
تحت شجرة التوت...
بظلها الظليل...
وظلت دودة الشجرة تنسج...
لتلبسنا ثياب الحرير...
وظل يراقص ثيابنا...
النسيم العليل...
رشيد العلمي