بيروت تنزف / الشاعر محمد الإدريسي /

بَيْروتُ تَنْزِفُ...
مَنْ كان وَراءَ اِنْفِجارات بَيْروت؟
في أزِقَّتِها تُسْتَنْشَقُ رائحَةُ المَوِت
بَكَتِ العيْنُ ما تَحَمَّلتْ ما رَأَت
هَوْلُ عُنْفِ الفاجِعةِ القُلوبَ رَوَّعَت
مَنْ أمَرَ بالجَريمَة و بِهَدْمِ البُيوت
تَحْتَ الرُّكام يُسْمَعُ أَنينُ الجَرْحى
تُهَزُّ الشُّعورُ النُّفوسُ بِهذا الصَّدى
مَنْظَرُ أشْلاَءِ لِأطْفالٍ ذَوي القُرْبى
يُدْمي القَلبَ معَ البَحْثِ عَنِ القَتْلى
بَيْنَ الأزِقَّةِ بَيْنَ فَوْقَ تَحْتَ الرُّكام
تَحْتَ حَرارَةِ الشَّمْسِ تَحْتَ الظَّلام
أَنُفِذَ الماءُ؟ و سُقِيَتِ الأرْضُ بالدَّمّ
أجْسامٌ مُفَحَّمَةٌ مَنْ هَذا المَقْتول؟
رِواياتٌ قِصَصٌ عَنْ مَنْ هُو القاتِل
أعَميلُ الدّاخل لِصَهْيون هُو الفاعِل
أهُو خَليلُ العَدُوِّ مَنْ اِعْتُبِرَ المُؤْتَمَن
خانَ العَهْدَ الأُمَّةَ الشَّعْبَ غَدَرَ الوَطَن
أوَعَدوهُ بالمُكافَأة سِراً و أخَذَ الثَّمَن؟
أمْ النَّتِنُ ياهو نَفَّذَ وَعيدَهُ و اِطْمَأَن
بِقُوَّةٍ جارِفَةٍ مُؤلِمَةٍ جِئْتَ أيُّها الحُزْن
الغَمُّ لا يُفارِقُنا لا يَرْحَلُ مع الشَّجَن
لِيَتْرُكَ لِأُمَّتي فُرْصةَ البِناء و الدَّمَن
الدَّمارُ اِجتاحَ الأرْضَ أغْرَقَ السُّفُن
سُوِّيَّتْ بالأرْضِ المَدارِسُ و السَّكَن
بَلَعَتِ الأرْضُ الأجْسامَ قَبْلَ الكَفَن
إلى مَنْ تُقَدَّمُ التَّعازي عَنِ المُفْتَقَد؟
ألِأنْفُسِنا أمْ لِشُعوبٍ كَأنَّها لا توجَد
فَقَدَتْ الفِطْرَةَ مَعَ حُكّامِ الاسْتِبْداد
شَنَّ الحَرْبَ على الأخ العَدُوَّ يَعْضُد
بِحَسْرَتي يسيلُ الدَّمْعُ مِن كَثْرَة الكَمَد
على الأوْطانِ الضّائِعة على حَياة الوَلَد
ألَمْ يَجِدْ مَن يَنْهاهُ عَنِ اِعْتِماده الفَنَد
ما الذي أوْصَلَنا ألْبَسَنا كُلَّ هذا الهَوان
الأحْرارُ اِجْتاحَهُم الغَيْضُ أظْهَروا الغَلَيان
حَلَّتْ بِأهْلي في بَيْروتَ أفْظَعُ النَّكَبَات
تَحْتاجُ إلى مَن يُضَمِّدُ جِراحَ الوَيْلات 
صَمْتُ ضَوءِ الفَجْرِ صَخَّ أنِينُ البُكاء
أصْداءُهُ سُمِعَت على اِتِّساع الفَضاء
بَيْروتُ أفْديكِ بِدَمي إنْ كان الدَّواء
اللَّعْنَةُ الوَيْلُ تبّاً لِمَنْ يُكِنُّ لَكِ العَداء
أضْحى الطِّفلُ بِلا أمٍّ بِلا أبٍ بلا إيواء
بَعْدَ الفاجِعَةِ مَنْ يَتَذَكَّرُ يَهْتَمُّ بالفُقَراء
أقْبَحُ العَيْشِ عِنْدَ رُؤيَةِ مَآسي الضُّعَفاء
يا خالِق السَّماءِ و الأرْضِ لُطْفاً بالأحْياء
يَحْتاجُ مَوْتى النُّفوسِ مِنَ الكَرامَة الرَّواء
مِنْ عِزَّة النَّفْسِ مِنَ الشّهامَة الاحْتِساء
بَيروتُ القَوِيَّةُ سَتَنْهَضُ رَغْمَ هذا الدَّمار
مِنْ تَحْتِ الرَّمادِ لِتَرُدَّ الصّاعَ لِلأشْرار 
طنجة 15/08/2020
د. محمد الإدريسي