ثورةُ النفس
مَن ذا يقولُ لهندٍ بعضَ أشعاري
أو مُبلغاً ليلى تُقيلُ عثاري
أسرفتُ في التيهِ حتى دنا أجلي
وأستاءَ قلبي فصاحَ مني حذاري
مُذ كنتُ فتىً قلبي لهُ شغفٌ
في الوردِ والريحانِ والأزهارِ
يجني من الروضِ ماشاءَ منتشياً
حتّى يُعّتّقُ كأساً دونَ إكدارِ
مِن غادةٍ هيفاءَ تغري مفاتنها
أو مقلةٍ دعجاءَ فيها السحرُ ساري
حتّى إذا أجتاحَ المشيبُ مفارقي
والعمرُ ولّى ودُكدكت أسواري
وأستدبرت حيرى سنونُ حياتي
واستسلمت لجنود الدهر أقداري
أبدى ليَ العقلُ بعضَ مواعظه
وأستلهمَ القلبُ الأنابةَ للباري
قُل للذي في التيهِ أمضى حياتهُ
يأتيكَ يومٌ ولاتَ حينَ فرارِ
فأسمع لقولِ مجربٍ لا واعظٍ
وأحسم إذا قررتَ خيرَ قرارِ
أيامُ عمرِ المرءِ تدنو بهِ
شيئًا فشيئاً من الموتِ فالإقبارِ
مَن كانَ ذا لُبّ يروضُ نفسهُ
حبّ الفضيلةِ والصبرَِ للأعسارِ
كُن في الحياةِ إن شئتَ مرحمةً
سمحَ الشمائلِ تنجو منَ النارِ
كُن في الحياةِ أبياً وذا شرفٍ
إنّ الذليلَ كدارٍ دونَ أسوارِ
كُن عالماً فالعلمُ ترقى بهِ
إنّ الجهولَ كنبتٍ دونَ أثمارِ
أسررتُ للقلبِ سراً لا أبوحُ بهِ
لابدّ تُكشفُ يوماً فيهِ أسراري
بقلمي
نجم الركابي